الغلاة عبر التاريخ
الموقف الشرعي والتاريخي
حسن محمد نور الدين(*)
الغلو في اللغة مجاوزة الحد، اذ يقال غلا في الدين يغلو غلواً، وغلا بسهمه غلوا، اذا رمى به أقصى الغاية، وتغالى الرجلان: تفاعلا على ذلك وقال بعضهم: غلوت في الامر غلوا وغلانية وغلانيا، اذا جاوزت فيه الحد وافرطت١ وكذا معنى
الآية الكريمة (لا تغلوا في دينكم)«أي» لا تفرطوا في دينكم ولا تجاوزوا الحق فيه٢ ولا تجاوزوا الحد بأن ترفعوا عيسى الى ان تدّعوا له الالوهية.
يقال: غلا في الدين غلوا تصلب وتشدد حتى تجاوز الحد والمقدار، فالغالي من يقول في اهل البيت ما لا يقولون في انفسهم، كمن يدعي فيهم النبوة والالوهية٣، فالغلو اذاً، ميل جارف الى طرف ما، يخرج عن المعقول، والغالي قد يكون جاهلاً بغلوه، ما يفتأ ان يتوب ويعود الى صوابه، مجرد ارشاده الى السداد، وقد يكون قاصداً متعمداً عن سابق تصور وتصميم، وهدفه الهدم والخراب عبر حركة منظمة تحمل اسم الغلاة.
وقبل الخوض في البحث عن اصل هذه الحركة «البدعة» لابد ان نتفق ويتفق معنا كل دارس للتاريخ بموضوعية، سابراً أغوار اللغة بعمق وتفقه، على الهدف من الكتابة، ونعني به جلاء الحقائق التي قد تتحول الى مغالطات، بسبب سطور يكتبها كاتب استقى معلوماته من كتب تفتقر الى الدقة والتمحيص، فجاءت الابحاث شاذة بعد ان انحرفت الأقلام عن الصواب وانتحت جانباً نحو التعصب او الجهل، وعليه لم يعد صحيحاً ان كل بحث أو دراسة أو كتاب، يمكن ان يعتد به مصدراً أو مرجعاً في مجال ما إلاّ اذا دقق فيه ومحص علمياً، لأن الأحكام التي تطلق احياناً، قد تؤسس الى فتنة