المجتمع الديني; المصطلح والمفهوم
السيد مرتضى تقوي(١)
ضرورة طرح الموضوع
بعد عصر النهضة ازيح الدين بشكل كامل عن الحياة الاجتماعية للانسان في الغرب، حيث انكر البعض صلاحيته في ادارة الحياة الاجتماعية، واعتبر البعض الآخر باسلوب مهذب، ان التدخل في ادارة المجتمع هو ليس من شأن الدين. وبازاحة الدين عن ساحة الحياة الاجتماعية، دخلت الساحة المدارس والايديولوجيات البشرية، واخذت تتنافس فيما بينها من اجل تنظيم الحياة الاجتماعية للناس، ويشهد تاريخ القرون الجديدة في الغرب على قيام وأفول الفلسفات والمدارس السياسية والاجتماعية المختلفة التي كانت تظهر واحدة بعد اخرى على الساحة، مدّعية طرح أمر جديد، وتضع نفسها على محك التجربة ثم تزول، حتى اصبح الغرب الجديد مختبراً كبيراً لتجربة واختبار الفلسفات والمدارس السياسية والاجتماعية الحديثة عملياً.
وفي خضم ذلك كان بعض هذه المدارس يخرج بسرعة من الاختبار فاشلاً، فيما كان البعض الآخر يمضي فترة اطول في الاختبار، ولكنه في نهاية المطاف كان ينسحب فاشلا ايضاً، وفيما عدا هذين البعضين كان هناك بعض ثالث يصل بعد منعطفات واضطرابات الى درجة النضج والكمال ليستطيع المحافظة على نفسه ويستمر لحد الآن.
في تلك المرحلة، وفي جزء آخر من العالم ـ يعني دائرة الاسلام الحضارية ـ كان التاريخ يجري بشكل آخر، ففي تعاليم الاسلام لا توجد حدود فاصلة بين الدنيا والآخرة، فأكثر الاعمال اخروية له أثر دنيوي، واكثرها دنيوية يمكن ان يكون له اثر اخروي. فالاسلام كما يقول اقبال: «كان منذ البداية ديناً اجتماعياً ودنيوية ودين دولة»(٢) ومن خلال توجهه الدنيوي القوي تقريباً استوعب اجواء الحياة الاجتماعية