تأملات في البعد الإجتماعي للعقيدة
مشتاق اللواتي(١)
نعني بالبعد الاجتماعي هنا، هو ما تستهدفه العقيدة من التأثير على الجوانب التربوية والاجتماعية والنفسية والاخلاقية للفرد والمجتمع على نحو شامل، بحيث تكون حاضرة في مختلف المناشط الحياتية وتعاملاتها. ان العقيدة التي يعتقدها الانسان، أياً كانت; تترك آثارها وبصماتها على نفسية الفرد، وعلى سلوكه بشكل تلقائي، ويزداد تأثيرها ويتعمق، كلما كانت العقيدة واضحة ومتجذرة عند صاحبها، وكلما كان مستوى تصديقه بها قوياً.
فالعقيدة من أهم العوامل التي تسهم في تشكيل رؤية الانسان الكونية، وصياغة مفاهيمه عن الحياة وطبيعتها، ومبدئها ومآلها، ومن ثم تنعكس هذه المفاهيم على نمط علاقاته واسلوب تبادله لحقوقه وأدائه لواجباته، بل في تقرير طبيعة تلكم الحقوق والواجبات، فالعقيدة هي أحد الموجهات المهمة للعلاقات الاجتماعية، الى جانب عوامل ومؤثرات اخرى، تتفاعل معها وتتبادل التأثير والتأثر، كالتربية والتنشئة الاجتماعية والثقافية، والتي هي الاخرى لا تخلو من تأثير واضح للعقيدة عليها.
شمولية مفهوم التوحيد
العقيدة الاسلامية ليست أفكاراً نظرية بحتة تجول في الأذهان، وتفرغ في الكتب والأسفار وسائر وسائل التناقل الفكري، ولا هي مفاهيم تجريدية محضة يحلق بها روادها الى عوالم متعالية عن عامة الناس وسوادهم الاعظم، بل هي بذاتها تتسم بأبعاد اجتماعية، وتختزن في عمقها دلالات ومضامين تتجاوز فضاءات الأذهان، لتعم بإشعاعاتها كافة مناشط الحياة، وتتفاعل مع حركة الانسان في مختلف مجالات الحياة، وهذه السمة التي تتصف بها العقيدة الاسلامية تنسجم مع الطبيعة الاجتماعية للانسان، الذي قرر فلاسفة الاجتماع أنه اجتماعي بطبعه، وهو الأمر الذي أثبتته التجربة