أركون ومشروع نقد العقل الإسلامي
إشكالية العلاقة بين العقل الإسلامي والوحي
كامل الهاشمي(*)
تمهـيد
يزعم الباحث المعروف محمد أركون أنه يأخذ على عاتقه انجاز مهمة جسيمة في المجال الفكري يرى أنها تتمثل في «نقد العقل الإسلامي » ; وهذه المهمة أو الدعوة التي يتبناها أركون لا يمارسها بشكل خفي أو تحت أي غطاء ، بل هو يدعو إليها بكل صراحة ويعتقد أنها مهمة لابد من انجازها وتحريك الفكر الإسلامي باتجاه تحقيقها .
ولقد قمتُ في وقت سابق باستثارة الحديث عن أهمية الأفكار التي انطوت عليها المقدمـة التي كتبها أركون لكتابه المعنون بـ «أين هو الفكر الإسلامي المعاصر؟»(١)، وكنت أتحيّن الفرصة للرجوع إلى هذه المقدمة مرة أخرى من أجل مناقشة وتحليل بعض أفكارها المثيرة والمهمة; وما أرغب في استثارة الحديث عنه في هذه المقالة هو مهمة نقد العقل الإسلامي في ما يرتبط بعلاقة العقل بالوحي، والتي يرى أركون أن العقل الإسلامي ظلّ يمارس فيها ومن خلالها دور التابع والخادم للوحي من دون أن يسمح لنفسه بسؤال أو مبادرة، فلنرَ ماذا يحمل أركون من أفكار في هذه القضية، وما هي الملاحظات التي يمكن أن تسجل على أفكاره تلك !!!
١ ـ العقل الإسلامي والعقل العربي
يحاول أركون أن يتفّهم القارئ العربي بشكل خاص مشروعه النقدي من خلال التأكيد أولاً على ضرورة التفريق بين العقل الإسلامي والعقل العربي، فبماذا يختلف مفهوم العقل الإسلامي عن مفهوم العقل العربي؟ وما هو النقد الذي يتوجه للعقل في علاقته بالوحي بما هو معطى ومنزل إلهي؟
يجيب أركون عن السؤال الأول بالقول: (إن الأول يتقيد بالوحي أو المعطى المنزَّل، ويقر أن المعطى هو الأول لأنه إلهي، وأن دور العقل ينحصر في خدمة الوحي أي فهم وتفهيم ما ورد فيه من أحكام وتعاليم وإرشاد، ثم الاستنتاج والاستنباط منه; فالعقل تابع وليس بمتبوع اللَّهم إلا بالقدر الذي يسمح به اجتهاده المصيب لفهم وتفهيم الوحي )(٢) و (أما العقل العربي فهو الذي يعبِّر باللغة العربية أياً تكن