من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذاك الأحمق بعينه. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )     ليس للعاقل أن يكون شاخصاً إلاّ في ثلاث: مرمة لمعاش، أو خطوة في معاد، أو لذة في غير محرم. ( نهج البلاغة ٤: ٩٢)        الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك، فإن أنت لم تأتِه أتاك. ( نهج البلاغة ٣: ٥٥)      اللسان سبع إن خلي عنه عقر. ( نهج البلاغة ٤: ١٥)      خاطر من استغنى برأيه. ( نهج البلاغة ٤: ٤٨)      
البحوث > المتفرقة > دور الاديان في احتواء ازمات العالم الصفحة

دور الأديان في احتواء أزمات العالم(*)
الشيخ سعيد عدالت نجاد(**)
أولاً وقبل كلّ شيء، أودّ أن أقدّم توضيحاً موجزاً عن مفهومي (الدين) و (الأزمات العالمية) اللذين يشكّلان عنوان ورقتي هذه، فقد أضحى مصطلح (الدين) يُستخدم في سياقات متباينة وغامضة، بل متدافعة ومتناقضة أحياناً، الأمر الذي عقّد مفهومه وأربك استخدامه وبشكل لا يُحسد عليه، ولا أريد هنا أن أستغرق في إعداد قائمة طويلة بالتعريفات المقدمة للدين في تمظهراته الخارجية أو وجهات النظر المتمحورة حول تعريفه من الأبعاد الاجتماعية والنفسية أو السلوكية(١). ومع ذلك فإنّ وجود تعريفات عجيبة وغريبة لهذا المصطلح في عالم اليوم، كتلك التي تُمنح لبعض وتُضفي عليها دوراً كبيراً ومهماً لمجرد قدرتها على توفير أجواء النشوة الروحية، يضطرنا لتحديد المعنى الخاص أو الإطار الخاص الذي نتحاشى خلاله الانجرار الى علم الكلام ودلالات الألفاظ وتطورات هذا العلم (١٥٥ - ٥٧, ١٩٧٠ Yinger) وجدائله المتقطّعة.
إن الدين يجب أن يُحصر تعريفاً واصطلاحاً في الايمان بالمقدس الذي تظهر تجلياته في إرساله الرسُل والأنبياء والكتب السماوية لبني البشر من أجل هدايتهم وإنقاذهم. وهذا التمظهر يمكن تشخيصه بوضوح في التعاليم السماوية للأديان الثلاثة: اليهودية والمسيحية والاسلام.
ومن هنا، فإن دعاوى الانكشاف والنشوة الروحية الفردية المصحوبة عادةً بعدم الاهتمام أو اللامبالاة للمعاناة الانسانية لا يمكن اعتبارها ديناً في هذا التعريف. بطبيعة الحال، إني مدرك تماماً بأن التعريف الآنف الذكر يمكن مناقشته، ولكن ومن أجل تيسير هذه المناقشة وتعميم الفائدة لابد من إقرار هذه الحقيقة.
أما الأزمات العالمية فهي معروفة لدينا جميعاً. إنها تلك الآلام المرعبة التي تهدد الجنس البشري وتتحدى السلام العالمي. إفساد البيئة والأجواء الاجتماعية، التعسف بقيم الفرد والمجتمع، استخدام العنف في التعاطي مع المشاكل السياسية والاقتصادية، انتهاك الاعلان العالمي لحقوق الانسان، الذي جاء ثمرة أو حصاداً لتلك السنين المُرّة من الدكتاتورية والحرب، الفقر والمجاعة، ومشاكل كثيرة أخرى كلها أمثلة على أزمات العالم المعاصر. هذه جميعها ربما تساهم في تشكيل هذه الحقيقة المؤلمة، وانها في مجملها حصاد وثمار ونتائج التحولات الاجتماعية والثقافية والأخلاقية للعصرانية أو الحداثة التي لا فكاك لنا منها في عالمنا المعاصر.

(*) ترجمة: مختار الأسدي.
(**) مدير مركز الدراسات الثقافية الدولية في رابطة الثقافة والعلاقات الاسلامية.
(١) The Oxford Abridged Encyclopedia and Hick ١٩٦٣, introduction and ch. ٩.