جدلية النص والواقع
* يحيى محمد
القسم الأول: البعد الحضاري وفهم النص
على الرغم من أن التشريع أساساً مصدره خطاب علوي متنزل من سماء التجرد والاطلاق الى عالم الطبيعة والتجدد; إلا أنه مع ذلك لا يتعالى على الواقع ولا يصادره ويسلب حقيقته المتغيرة. ولعلّ اولى النكات التي يمكن ملاحظتها هو ان الخطاب الالهي نزل منجماً في ظروف خاصة هي ظروف شبه الجزيرة العربية في ذلك الوقت. فمحدودية هذه الظروف لم تمنع الخطاب من أن يتنزّل بلغة وهيئة لا تخرج عن الطبع العام للمجتمع العربي البدوي، حتى اقرّ الكثير من الأعراف والعادات والاحكام والشعائر التي كانت تمارس آنذاك. وهي بحسب ما ذكرته المصادر الاسلامية ـ وبغض النظر عما يمكن ان يناقض في بعضها ـ : مثل شعيرة الحج والعمرة وكسوة الكعبة، وتحريم القتال في الاشهر الحرم، وغسل الجنابة، وغسل الموتى وتكفينهم والصلاة عليهم، والمداومة على طهارات الفطرة العشر، وقطع يد السارق، واشتراط الكفاءة بالخطوبة أو الزواج(١)، والطلاق والظهار(٢)، وصوم عاشوراء قبل أن يفرض صيام شهر رمضان(٣)، والاجتماع يوم العروبة ـ الجمعة ـ للوعظ والتذكير، والدية والقراض والمضاربة(٤)، والعاقلة(٥)،