الثقافة الإسلامية وتحديات القرن الجديد
م. نبيل علي صالح*
تستخدم كلمة الثقافة ـ في الوقت الراهن ـ بمعنى التربية التي تنمو بها اساليب الفكر والعمل بما يلائم الزمان والمكان، وهذا ما نطلق عليه بالتحديد العام للفظ «الثقافة». أما التحديد الخاص لها فيمكن متابعته ـ فى وعينا المعاصر ـ من خلال اعطاء التعريف التالي للكلمة المذكورة، بكونها ذلك المركب الذي يشتمل على كل ما نفكر فيه ونعتقده، ونقوم بعمله ونلتزمه في حركة الحياة من قيم، ومبادئ، وفنون، واخلاق، وقوانين، وأعراف. ونجد ذلك من التقاليد أو العادات التي يكتسبها الانسان باعتباره عضواً في مجتمع ما.
من هنا تكون الثقافة محصلة تاريخية للقلق المبدع والخلاق عند الانسان في التغلب على تحديات وتعقيدات الوجود الراهن التي يصادفها في حياته، وخلق اشكال وانماط جديدة لحياة الفرد والجماعة تجمع بين ما هو ثابت وما هو متغير. وبهذا التوصيف تكون الثقافة ـ كظاهرة مركبة من عناصر بعضها فكري وبعضها سلوكي وبعضها مادي ـ اساس الحضارة التي هي شكل من أشكال تنظيم الحياة البشرية وتوأمها والملازمة لها. لأنها (الثقافة) متجذرة في اعماق ارواح الناس، ومن الطبيعي أن تكون أكثر ديمومة واستمرارية من الحضارة نفسها، ومن معالم الحياة العملية ومراكز الانظمة الاجتماعية، ونمط سلوك وتعامل الانسان مع الآخرين، باعتبار أن الثقافة تمثل وتجسد الحضارة. فكم من المظاهر والمعالم، والخصائص الثقافية، والأنماط الفكرية تستمر لقرون عديدة ـ بعد اضمحلال الحضارة وزوالها ـ في داخل ذهنية وروح الأمة وافرادها الذين كانوا يمتلكون في يوم ما تلك الحضارة.
اذاً تتميز كل حضارة جديدة بوجه ثقافي يعبر عنها وتنسجم معه في كل مظاهر وتنوعات أفرادها. وعندما تزول أو تتلاشى تلك الحضارة تبقى معالمها الثقافية، المتوافقة أو المنسجمة معها، حية في نفوس وأرواح ابنائها. ومن هنا يقع التناقض الحاد في داخل الامة بين ثقافتها التقليدية التي حافظت عليها من جهة وبين