العلمانية والفكر الديني في العالم المعاصر(*)
* الدكتور همايون همتي
* ترجمة عبد الرحيم الحمراني
الحديث عن العلمانية وأثرها في الفكر الديني يمكنه ان ينطلق من زاويتين، الاولى عالمية، والاخرى محلية يؤخذ فيها بعين الاعتبار وضعنا الخاص وطبيعة بنيتنا الثقافية والدينية
والفكرية. غير اني أركز هنا اهتمامي على الاتجاهات والتيارات الفكرية التي عملت بعض الفئات والشخصيات على ترويجها في مجتمعنا مؤخراً، من خلال إطلاقهم لكلمات وأحاديث أدت الى تداعيات متناقضة، واثارت بعض التوتر في أوساط المجتمع، كما دعت لظهور بعض الغموض والتصورات المتقاطعة المثيرة للجدل، وأفرزت مجموعة من التساؤلات لدى جيل شبابنا الصاعد.
أحاول بدوري ان أساهم في تسليط الضوء على بعض الحقائق وإماطة اللثام عن ذلك الغموض، مستعرضاً الى جانب ذلك بعض السبل الكفيلة بمعالجة جملة من تلك الاشكاليات.
والسؤال الاساسي الذي يطرح نفسه على بساط هذا البحث هو: ما هي العلمانية، وما هي صلتها بالدين والفكر الديني؟ واضح ان الاجابة على هذا السؤال تتطلب منا الوقوف أولا على معنى كل من العلمانية والدين، ليأخذ بحثنا مجراه الصحيح والطبيعي. ثم لا بد بعد ذلك من التعرف على اسس ومبادئ العلمانية، تمهيداً لدراستها ونقدها بصورة منهجية.
اشتقت لفظة (Secularism) وكذلك (Secularization) اللتان تعنيان (العلمانية، التعلمن) من المفردة اللاتينية (Secularize)، وقد استخدمت هذه اللفظة في اللغات الاوربية لأول مرة أواخر القرن السادس عشر، واوائل القرن السابع عشر في معاهدة وستفاليا(١)، فكان يراد من اطلاقها آنذاك خروج المؤسسات والاراضي التي كانت خاضعة لنفوذ الكنسية من إشرافها وحاكميتها، وإخضاعها لسلطة سياسية لا دينية ومؤسسات حكومية عامة لا علاقة لها