ثمرة التفريط الندامة. ( نهج البلاغة ٤: ٤٣)      اتقوا ظنون المؤمنين، فإن الله تعالى جعل الحق على ألسنتهم. ( نهج البلاغة ٤: ٧٣)      العلم وراثة كريمة والآداب حلل مجددة والفكر مرآة صافية. ( نهج ٤: ٣)      الطمع رق مؤبد. ( نهج البلاغة ٤: ٤٢)        خض الغمرات للحق حيث كان. ( نهج البلاغة ٣: ٣٩)      
البحوث > المتفرقة > الإمام علي عليه السلام بين المثال والواقع الصفحة

الإمام علي بين المثال والواقع
شواهد في عدله الاداري
السيد هاني فحص*
يوفر الامام علي (ع) بيقينه، الذي لا زيادة عليه، وبطريقته في الادارة العامة، والسياسة التي تتوازن في المضطربات ولا تلغي الثابت من أجل المتغير ولا تهون من شأن المتغيرات، توائم بين الاستراتيجية والتكتيك، على منهجية توحيدية تهدف فيما تهدف الى الابقاء على المثال في الاطروحة والمشهد معاً، بحيث لايؤثر قصور الامة أو تقصيرها عن تحقيق مثالاتها في المس بمصداقية الاطروحة، ويبقى الامام، في المفاصل الشائكة والاشكالية، في العموميات والتفاصيل، على شفافيته ومكاشفته بالحقائق والوقائع، اصراراً منه (ع) على سد منافذ الاختلال والافتراق بين نظام الافكار ونظام القيم، باعتبار كل منهما ضمانة للآخر... وبنصه الذي يحكي ويستشرف ويحاكم ويعدل ليطابق عدالة الخطاب بعدالة الفعل .. بكل ذلك يوفر الامام (ع) مساحة واسعة يلتقي عليها مختلفون ومتفقون من ثقافات وحساسيات ومشارب ومذاهب متنوعة، وفي ذلك ما يخفف من ضغط الاعتبارات الفئوية التي تجد تفسيرها، في شعور المسلمين الشيعة بمزيد من الاختصاص بالامام (ع).
ان العام في فكر الامام وسيرته وسلوكه، يحفظه ويعيد تقديمه مثالاً لأهل الايمان والتوحيد والعدل في الدنيا، ما انقضى من عمرها أو عمرنا فيها وما هو آت مع كل الآتين، من الكامنين في أصلاب الرجال وأرحام النساء، يرعف بهم الزمان ـ على حد تعبير الامام ـ وتنكشف لهم وبهم ومعهم حقائق اضافية، لاتعدم في فكر الامام استشرافاً لها أو اشارة اليها... مايلزمنا جميعاً بأن نحسن تمييز العام عن الخاص من علي وفيه، والخاص في علي (ع) يبلغ غاية الضيق وينضبط بالعام ويضبطه (لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن جور الا علىّ خاصة) ومساحة العام فيه شاسعة ومفتوحة، وهي الى مزيد من الاتساع عاماً بعد عام، ومنقلباً اثر منقلب، وانكشافاً تلو انكشاف.. واذا ما كان العدل هو الاختزال غير الظالم، أو التركيز المكثف لعلي شخصاً ونصاً، اماماً وحاكماً شاهداً وشهيداً، فانه كلما امضى في كثافته وتركيزه،
اتسعت آفاقه وترسخت عموميته.. ومن هنا فاننا ملزمون ومضطرون لاستحضاره رافعة للرجاء، خاصة بعد ما أصيبت الغالبية العظمى من الناس، في هذا المفصل التاريخي المعتم، بحالة مستشرية من الاحباط والخيبة، وشعر الثوريون الواقعيون والحقيقيون منهم، الذين رفعوا التغيير شعاراً وحملوا العدل رجاء وهماً، شعروا بالخسارة والانكسار، ماجعل كثيرين منهم يتراجعون أو يشكون في صحة اختيارهم، واحتاط بعضهم لنفسه فأعاد قراءة التاريخ بتدقيق وموضوعية ورؤية ومن دون مسبقات

* عالم دين واديب وناقد ـ لبنان.