القدس صراع الهوية والتهويد
أبو جهاد محمد*
لم يترك الصهاينة مناسبة تاريخية او سياسية تخصهم الا واستثمروها لتأكيد يهودية القدس وملكيتهم الابدية لها. اذ لم يجد المشروع الصهيوني منذ انطلاقته الاولى قضية يوحد عليها يهود العالم غير قضية القدس، مستفيداً من الخرافات والاساطير التوراتية القائلة بان القدس «مكان لراحة اليهودي الابدية» حتى ان جسد اليهودي الذي يموت فى اقصى بقاع الأرض عليه ان يزحف للوصول الى بيت المقدس ـ اورشليم ـ لتستقر روحه هناك.
ان القدس كانت دائماً محط انظار الطامعين عبر التاريخ، حيث ظلت تحت الاحتلال الصليبي طول الفترة من (١٠٩٩م ـ ١١٨٧م) الى حين استطاع المسلمون بقيادة صلاح الدين الايوبي تحريرها، الا ان الحقد الصليبي لم يكن ليزول عبر تاريخ العلاقة بين الغرب ومنطقة المشرق العربي والاسلامي التي اتخذت شكلاً دائماً من الصراع، اننا لا يمكن ان نقرأ دوافع الدعم البريطاني المطلق للحركة الصهيونية دون الاخذ بعين الاعتبار الدوافع النفسية والتاريخية التي اختلطت مع الاهداف السياسية والاقتصادية والأمنية للاستعمار البريطاني لمنطقتنا. لقد ارسل اللورد البريطاني آرثر بلفور (صاحب وعد بلفور المشؤوم) الى زملائه الوزراء في عام ١٩١٧ ما نصه: «ان الصهيونية أكانت حقاً ام باطلاً، حسنة ام سيئة، * ممثل حركة الجهاد الاسلامي - ايران.
فهي عميقة الجذور في تقاليدنا القديمة، واحتياجاتنا الراهنة، وآمالنا للمستقبل، وهي، لذلك، تعلوا اهمية على رغائب وأهواء الـ سبع مئة ألف عربي الذين يقطنون تلك الارض التليدة»(١).