التجديد في علم الكلام(*)
أحد قراملكي(**)
القسم الأول: اشكاليات التجديد
يرتبط تصميم هندسة معرفية لعلم الكلام الجديد بغربلة صفة ((التجدد))، ومناقشة ما تعنيه هذه الصفة، وما يمكن أن يُراد من القابلية للتجديد في علم الكلام. إن الغموض الذي يكتنف صفة التجديد الى جانب الإقبال الواسع على الخوض في قضايا الكلام الجديد، أفرز الكثير من الإشكاليات والعقبات في طريق التفكير الكلامي المعاصر، وحين التمعّن في الكتابات والمحاضرات الكلامية الجديدة، نلاحظ أبعاداً واسعة لهذا الغموض المفضي الى التباسات وإشكاليات عديدة.
عنوان ((الكلام الجديد)) من مصطلحات القرن الأخير في الثقافة الاسلامية. وكان شبلي النعماني (١٢٧٣ ـ ١٣٣٢) ممن أكدوا على أهمية التجديد في علم الكلام عبر كتابته تاريخاً للكلام الحديث. كما شدد الاستاذ مرتضى مطهري في مؤلفاته على ضرورة ايجاد تحوّلات في العلوم الكلامية، وتأسيس علم كلام جديد. ورغم أن ماضي الكلام الجديد لا يناهز المائة سنة، إلاّ أن الإقبال عليه بدأ حينما لوحظت ((مسائل كلامية جديدة)) في البرامج التعليمية الخاصة بالإلهيات والمعارف الإسلامية. ولعل واحدة من أبرز خصائص التفكير الديني في السنوات الأخيرة دراسته لقضايا الكلام الجديد،فكثرة البحوث والكتب التي ظهرت خلال الأعوام الماضية حول الموضوع تشير بوضوح الى مستوى إقبال الدارسين على هذا المجال المعرفي. ومع أن من أسباب الاهتمام بالكلام الجديد في الأوساط الحوزوية والجامعية، إدراج المسائل الكلامية الجديدة في المواد الدراسية، غير أن الافتقار الى برمجة صحيحة، وبحوث قبلية، أدى الى دخول قضايا غير ذات صلة بالكلام الجديد إليه، الأمر الذي أفضى الى حصول تصوّرات مضبّبة عن الهوية المعرفية للكلام الجديد، لاسيما عند المبتدئين.
وفيما يلي نشير الى بعض مكامن الغموض والإشكال في نطاق امكانية علم الكلام للتجديد:
ايهام الانفصال
ثمة رأيان في تفسير الكلام الجديد، نعتقد أن أحدهما سلك سبيل الإفراط، والثاني سار في جادة التفريط. الأول يرى أن الكلام الجديد لا يشارك الكلام التقليدي إلاّ في اللفظ والعنوان، فالكلام الجديد علم حديث الظهور مستقل تماما، ولا علاقة له بعلم الكلام الدارج في الثقافة الإسلامية القديمة. أما الرأي الثاني فيذهب إلى أن إطلاق صفة الجديد على علم الكلام الحالي، هو في الواقع من باب