حقوق الإنسان في الإسلام
السيد على الخامنئي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم محمد صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الأطهرين المنتجبين وصحبه المهتدين..
إن مسألة حقوق الإنسان هي إحدى المسائل الأساسية المهمة، كما أنها من أكثر قضايا الإنسان حساسية، فقد اتخذت في العقود الأخيرة أبعاداً سياسية فضلاً عن أبعادها الأخلاقية والحقوقية. ومع أن تدخل الأهداف السياسية والتكتلات والمواقف السياسية قد وضع عقبات ومشاكل عديدة أمام الطرح الصحيح لهذه المسألة، إلا أن كل ذلك يجب أن لا يثني المفكرين والمهتمين بالأمر عن مواصلة دراسة حقوق الإنسان وحل مشكلاتها.
وفي الغرب هذه المسألة قد تم إحياؤها من قبل المفكرين، فهي ومنذ نحو مئتي عام تتصدر قائمة المسائل السياسية والإجتماعية للعالم الغربي، حتى أضحت مسألة مهمة نجد بصماتها على الكثير من الإنقلابات والتغييرات السياسية والإجتماعية.
وقد بلغ هذا الإهتمام الغربي ذروته خلال العقود الأخيرة، فكان صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتأسيس منظمة الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية مصداقاً عينياً للإهتمام بقضية حقوق الإنسان في العالم، ويمكننا اتخاذ هذا المصداق مقياساً نستند إليه في تحليلنا وحكمنا على ما سمعناه من شعارات وضجيج عن حقوق الإنسان خلال المئتي عام الأخيرة، وخاصة خلال العقود الأخيرة.
وطبيعي أننا نحن المسلمين نعلم جيداً أنه إذا كان الغرب قد أولى هذه المسألة اهتماماً كبيراً خلال العقود الماضية، فإن الإسلام كان قد اهتم بها وبأبعادها الواسعة والشاملة منذ قرون عديدة. فقد عالجها بشكل أساسي وجذري، وهذا ما نلاحظه في الكتب والآثار الإسلامية الموجودة والتي لسنا بحاجة الى تفصيلها الآن ما دمنا نتحدث الى جمع من المسلمين.
إن الآيات القرآنية والأحاديث الواردة عن الرسول الأكرم والأئمة (عليهم السلام) أكدت جميع حقوق الإنسان التي تنبّه إليها العالم واهتم بها خلال العهود الأخيرة، وهي تحظى دوماً باهتمام المسلمين والعلماء، وهم ليسوا بحاجة الى التذكير بها وتكرارها. وفي ختام حديثي، سأذكّر بأن على المجتمع الإسلامي اليوم مسؤولية تعريف العالم بهذه الحقيقة الإسلامية الوضّاءة لكي لا يدع هذه الأصالة الإسلامية تضيع وسط أعاصير الضجيج والأجواء السياسية المفتعلة على الصعيد العالمي.