من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر. ( نهج البلاغة ٤: ٤٧)        أحبب لغيرك ما تحب لنفسك، واكره له ما تكره لها. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥)         استقبح من نفسك ما تستقبح من غيرك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥ـ ٤٦)        إياك أن توجف بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم وإن عشتم حنّوا إليكم. ( نهج البلاغة ٤: ٣)      
البحوث > المتفرقة > المشروع الإسلامي للتغيير ومطاعن العلمانيين عليه الصفحة

المشروع الإسلامي للتغيير ومطاعن العلمانيين عليه
* الدكتور محمد عمارة
ظل المشروع الإسلامي الثابت الأول في حياة البشرية هو المشروع الذي دعا إلى التغيير بالإسلام والاصلاح بالدين، والنهضة وفق المرجعية الاسلامية وذلك للرد على التراجع والجمود.
وفي تحديد هذه المراجعة الإسلامية للمشروع الإسلامي للتغيير، المتخصص عبر الاعلام، والدعوات يتصدى الدكتور محمد عمارة الباحث الاسلامي المتخصص للرد على مطاعن العلمانيين، واطروحاتهم من خلال المقارنة بين القوانين والمشاريع الوضعية.... وبين النصوص الدينية... وحكاية الصراع بين هذين المشروعين في ميادين التغيير والتجديد والتحديث .
منذ بداية المواجهة الحديثة بين حضارتها الإسلامية و الحضارة الغربية الغازية ـ إبان الحملة الفرنسية على مصر [١٢١٣هـ ١٧٩٨م] بدأ تخلُّق تيار التغيير و التجديد الإسلامي الذي رأى أعلامه في التغيير طوق النجاة من هذا الخطر القادم، والطامع في احتلال الأرض ونهب الثروة والطامح إلى احتلال العقل ليتأبد الاحتلال في كل الميادين!
ولعل كلمات العالم المجدد الشيخ حسن العطار [ ١١٨٠ـ ١٢٥٠هـ ١٧٦٦ـ ١٨٣٥م ] التي قال فيها ـ بعد احتكاكه بعلماء الحملة الفرنسية ـ : (( إن بلادنا لابد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من المعارف ما ليس فيها )) لعل هذه الكلمات قد مثلت بداية الدعوة إلى المشروع الإسلامي للتغيير.
لكن التراجع الحضاري الذي كان كله يخيم على دار الإسلام يومئذٍ قد أفسح مكاناً للنموذج الحضاري الغربي والفلسفة الوضعية الغربية والمنهاج العلماني الأوربي كي يكون له في دار الإسلام، وجود يزاحم المشروع الإسلامي للتغيير والنهضة، فعرفت بلادنا، منذ القرن التاسع عشرالميلادي، مشروعات للتغيير والنهوض :
١ـ المشروع الإسلامي: بأعلامه ودعواته من الطهطاوي [١٢١٦ـ ١٢٩٠هـ ١٨٠١ـ ١٨٧٣م ] إلى الأفغاني [١٢٥٤ـ ١٣١٤هـ ١٨٣٨ـ ١٨٩٧م ] إلى الإمام محمد عبده [١٢٦٥ـ ١٣٢٣هـ ١٨٤٩١٩٠٥م ] .. إلى الكواكبي [١٢٧٠ـ ١٣٢٠هـ ١٨٥٤ـ ١٩٠٢م ] إلى رشيد رضا [ ١٢٨٢ـ ١٣٥٤هـ ١٨٦٥ـ ١٩٣٥م ] ومن الوهابية إلى السنوسية إلى المهدية إلى تيار ومدرسة الجامعة الإسلامية وامتدادات هؤلاء الأعلام وهذه الدعوات وهو المشروع الذي دعا إلى ((التغيير بالإسلام)) و ((الإصلاح بالدين)) و ((النهضة وفق المرجعية الإسلامية))، تجديداً للحضارة وتجاوزاً لحقبة التراجع والجمود والتقليد
وفي تحديد هذه المرجعية الإسلامية لمشروع التغيير هذا، قال الطهطاوي: ((إنه بحر الشريعة الغراء، على تفرع شارعه، لم يغادر من أمهات المسائل صغيرةً ولا كبيرة إلاّ أحصاها بالسقي والري، ولم تخرج الأحكام السياسية عن المذاهب الشرعية لأنها الأصل، وجميع مذاهب السياسات عنها بمنزلة الفرع))(١).

* باحث إسلامي ـ القاهرة
(١)[ الأعمال الكاملة ] ج١ ص ٥٤٤ . دراسة و تحقيق: د . محمد عمارة. طبعة بيروت سنة ١٩٧٣م.