في ظلال غرر حكم أهـل البيـت(عليهم السلام)
الخُشـوع
* الشيخ وهب الفرحان (العراق)
قال تعالى : (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر اللّه وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون)(١) .
مقدمة
الخطابات الإلهية تتناسب شدة وضعفاً تناسباً طردياً مع أهميتها ، فكلما كان الخطاب جدّياً يحتاج إلى جهد ومشقة كلما كانت دائرة إختصاصه بالمؤمنين تزداد ، مثال ذلك أن غض البصر ودفع الزكاة والخمس وما إلى ذلك من التكاليف التي تحتاج إلى قدر كبير من الإيمان وضبط النفس ومجاهدتها بالإضافة إلى الإسلام خوطب بها المؤمنون خاصة كقوله تعالى : (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم)(٢)ولم يقل قل للمسلمين
وإذا كان الأمر كذلك تتضح حينئذ مدى أهمية سمة الخشوع المطلوب في الآية الشريفة المشار إليها في أول الكلام ، فهي لم تخاطب المؤمنين في أول إيمانهم بل خاطبتهم بعد أن مضى عليهم شطر لا بأس به من الوقت في ممارساتهم الإيمان على مستوى التطبيق بقرينة قوله تعالى : (ألم يأن للذين آمنوا) أي ألم يأتِ الأوان للمؤمنين بعد إيمانهم ، ولذا نقل عن ابن عباس قوله في سبب نزول هذه الآية الشريفة : «كان الصحابة بمكة مجدبين فلما هاجروا أصابوا الريف والنعمة فتغيروا عما كانوا عليه فقست قلوبهم»(٣)والواجب أن يزدادوا إيماناً .
وقيل أيضاً في سبب نزولها : «إن اللّه تعالى إستبطأ قلوب المؤمنين فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة بعد نزول القرآن»(٤) .
ومن هنا تتضح الأهمية القصوى لسمة الخشوع المطلوب توفرها كميزة هامة من ميزات المؤمن ، ولذا جاءت أحاديث وأدعية أئمة أهل البيت(عليهم السلام) مشحونة بعبارات التذلل للمولى سبحانه في أن يوفقهم تعالى لهذه السمة الشريفة فقد جاء في دعاء الصباح لأمير المؤمنين(عليهم السلام)«واغرس اللّهم لعظمتك في شرب جناني ينابيع الخشوع وأجر اللّهم لهيبتك من آماقي