التنمية الاقتصادية في المجتمعات الاسلامية.محاولة لفهم التجارب
احمد سالم النجدي
عندما مثل النموذج الغربي بقوة اقتصاده، ووضوح الهوة الفاصلة بين المجتمعات الصناعية والاسلامية على هذا الصعيد.. خُيِّل لمعظم السياسيين والاقتصاديين في دول العالم الثالث ان الاعداد لعملية تنموية سريعة على وفق متبنيات قائمة على اساس الاقتباس والنقل من تجارب سابقة حدثت في بلدان غربية كفيل لبلوغ مستوى اقتصاد متطور في البلدان (المتخلفة)، ويؤهلها في المحصلة النهائية ان تصل الى درجتي الانتاج والاستهلاك اللتين خققهما الواقع الغربي.
وبدأت إثر ذلك عمليات استيراد واسعة لوسائل الانتاج المختلفة استنزفت بسببها الثروات الوطنية، واستهلكت الزمن في مقطع تاريخي حساس جداً، وأخذت الخطط الاقتصادية تستحوذ على اهتمام الحكومات، في حين ان النتيجة الواضحة التي تمخضت عن الاستهلاك الواسع للمال والجهد والوقت، هي عدم تحقق أيِّ خطوة حقيقية في طريق التنمية المنشودة، وقد تَبيَّن فيما بعد أنَّ التنمية الفاشلة التي مورست بدون وعي حضاري اضافت مشاكل اقتصادية وسياسية واجتماعية، وحتى نفسية جديدة الى الواقع الاسلامي، بحيث أصبحت درجة ارتباكه مضاعفة لتداخل عوامل جديدة فيه، لايتعلق حلها لا بالانتاج ولا بالاستهلاك، واصبحت تجربة التنمية اشبه ما تكون بعملية ( تقدم الى الوراء ) حينما أضرّت بالموازنة السياسية والاقتصادية مع الغرب، فضلاً عن الاضرار الاخرى، الذي يمثل اخطرها العنصر الثقافي، عندما اصبحت دعوات ( التغريب ) تنسب هذا الفشل بصورة ظالمة الى الواقع، واصفة المجتمع بأنه مثقل بالتقاليد الموروثة، وداعية الى ( عصرنة ) هذا المجتمع بالتخلي عن الثقافة والانتاج التقليدي، وجعل النموذج الاقتصادي الغربي وعاءً للتنمية، والتمثل بالواقع الصناعي على صعيد المفاهيم والفكر والتنظيم.
ان الاقتصاد ليس علماً اساسياً من العلوم البحتة، بل هو علم اجتماعي طبيعي، ان بعض أسسه تبقى واحدة في كل مكان، في الحدود التي تنثبق فيه عن النفس البشرية والحاجات المادية والمعنوية الاساسية المتشابهة للانسان. لكن هذا يجب أن لايدفعنا الى الاعتقاد بأن الاقتصاد علم كالعلوم البحتة، فليست لديه نظرية مختبرية كونية كما هو الحال بالنسبة للفيزياء أو الكيمياء(١). ولأن الاقتصاديين والسياسيين في معظم دول العالم الثالث اخضعوا المجتمعات