اركان الاسلام ومساحات الالتقاء بين مذاهب المسلمين
الدكتور عبد الجبار شرارة
يقوم الاسلام على أركان ودعائم، جمعها حديث رسول الله نبينا وسيدنا محمد (ص): «بُني الاسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وايتاء الزكاة والحج وصوم رمضان»(١).
إنّ التعبير بالبناء على هذه الامور الخمسة التي عدّت أركان الاسلام، دليل على أنّ مايجمع الامة الاسلامية، ويوحِّد بينها، ويميزها من الامم هو هذه الاركان أو الدعائم. فأية جماعة من الناس تعيش في حياتها وسلوكها، وتكون همومها ومواقفها مستندة الى هذه الامور هي من امة الاسلام، ويصدق عليها الايمان ـ كما هو لسان الروايات الصحيحة.
والحق أنّ مثل هذه المشتركات أو الاركان يمكن أن توحِّد بين جماعات بشرية مختلفة أرضاً ولغات وألواناً. فالمجموعات البشرية المتباينة قد يجمعها همّ اقتصادي واحد، فتجد طريقاً أو اسلوباً تتكافل بموجبه. وقد يجمعها همّ سياسي واحد، أو اعتقاد واحد، أو شعار واحد. وقد رأينا شعوباً مختلفة تلتقي فعلاً وتتآزر وتتحد استناداً الى واحد من هذه الاسس والهموم.
أما بالنسبة الى أُمة الاسلام فإن كلّ هذه الاسس والأركان تستند اليها، ويقوم الدين الاسلامي عليها وهناك مبدأ الاخوة الاسلامية الذي يقتضي الاشتراك في الهمّ الاقتصادي، على ماقال الرسول الأعظم (ص): «ليس منّا من بات شبعانَ وجاره جائع» والزكاة هنا اسلوب للتكافل شرعه الاسلام. كما انّ هناك الهمّ الذي يقتضي ان يكون المسلمون يداً على مَنْ سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وقد قال الرسول الاعظم (ص): «من أصبح ولم يهتم بأُمور المسلمين فليس منهم» . ثم هناك الاعتقاد الواحد الذي يسوق المسلمين الى التوجه للصلاة والى الحج لتأدية مناسك واحدة. وتلك كلها مرتكزات تقوم عليها الامة الواحدة.
إنّ هذه الاركان والدعائم التي قام عليها بناء الاسلام، قد اشتركت في روايتها كتب الفريقين، واجتمع على العمل بها أبناء الملة الاسلامية في أقصى الارض وغربها، السنة والشيعة على حد سواء، ليس بينهم اختلاف ولم يعمل أحدٌ بخلافها لا تأولاً ولا اجتهاداً. فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً (ص) رسول الله تصدع بها مآذن المسلمين في كل مكان، ويجتمع عندها الناس للصلاة في بيوت الله تعالى. والصوم في رمضان لايختلف فيه اثنان فرضاً واجباً. والحج الى بيت الله الحرام ملتقاهم ومهوى أفئدتهم، وهو مظهر إلفتهم ووحدتهم. والزكاة تحكي تكافلهم،