السيد جمال الدين والادب الحديث
الدور التاسيسي
محمد علي آذرشب*
يجمع النقاد والمؤرخون على انّ القرن التاسع عشر شهد نهضة في الأدب العربي، أدت الى تغيير واسع في الشعر العربي والنثر العربي على صعيد الشكل والمضمون، ويختلفون في تاريخ بدء هذه النهضة. وهذا الاختلاف يرتبط برؤيتهم للعامل الاساس لها. وهم ـ على الاجمال ـ فريقان: أحدهما يرى أنّ هذه النهضة بدأت منذ الحملة الفرنسية على مصر (١٧٩٨م)، وهذا يعني أنّ النهضة تعود إلى عامل ثقافي أجنبي غربي. وممن ذهب الى ذلك جرجي زيدان في كتابه «تاريخ آداب اللغة العربية»(١)، و عمر الدسوقي في كتابه «في الأدب الحديث»(٢) و أحمد حسن الزيات في كتابه «تاريخ الأدب العربي»(٣) والدكتور شوقي ضيف في كتابه «الأدب العربي المعاصر في مصر»(٤).
ويشكك آخرون في هذا الرأي، ذاهبين الى أن الحملة الفرنسية لم تستطع أن تؤثر على الثقافة المصرية. يقول المؤرخ الدكتور أحمد عزّت: «من الصعب أن نذهب مذهب القائلين بأن الحملة الفرنسية تركت أثراً استمرّ باقياً من بعدها على المجتمع المصري والثقافة المصرية، إنّنا لا ننكر أنّ الحملة كان لها أثرها السياسي في تحطيم النظام القائم، وفي فتح باب ما سمّي بالمسألة المصرية.. أمّا التأثيرالاجتماعي والثقافي فمن الغلو في القول أن نذهب مذهب القائلين بأن الفرنسيين وجهوا المجتمع المصري والثقافة المصرية وجهة جديدة، بل لقد ذهب كل ما أقاموه بذهابهم»(٥).