حركة احياء الفكر الديني عند الامام الخميني
قراءة في معالم الفكر السياسي
جلال الانصاري*
لا يزال الوقت مبكرا لتقييم التجربة الخمينية، رغم كل ما قيل وما سيقال عنها. وصنّاع التاريخ لا يموتون. انهم يبقون فيه، يستوطنونه ويستمرون باستمراره. يمارسون تأثيرهم بعد الموت، واحيانا باخطر مما مارسوه خلال أعمارهم ونضالاتهم ونجاحاتهم في تغيير مساره ليقترب من احلامهم وتمنياتهم ورؤاهم الخاصة للمستقبل(١).
ولان التقييم العلمي والموضوعي، لا يتم الا عندما تصبح جميع الاحداث تاريخا(٢)، فان من السابق لاوانه اصدار الاحكام النهائية حول هذه التجربة الضخمة، والتي لا تزال تتفاعل، وتتمدد، على اكثر من صعيد.
وكانت هذه النقطة بالذات، اولى الصعوبات المنهجية التي واجهتنا منذ البداية، وان كانت هذه الصعوبة تنسحب على كل الدراسات التي تتناول احداثا لم تصبح تاريخا بعد.
الصعوبة المنهجية الثانية، تمثلت بشكل أدق في الخصوصية الكامنة في السيرة الذاتية للشخصية الخمينية نفسها، بكل ما تميزت به من ديناميكية خاصة اذهلت الكثيرين، واربكت التحليلات الاخرى، وخلطت اوراق المترقبين لرحيله.
فللكبار الكبار اسرارهم العظيمة التي تطبع التاريخ، تأتي معهم ولا تذهب، بل تبقى وهجا يشد العيون والقلوب والعقول الى فوق، دائما الى فوق. والامام الخميني كان واحدا من كبار الكبار. وحين رحل بقي سره العظيم سؤالا لا ينتهي.
الملايين العريضة، التي حملته على الاكف كانت بعض الجواب.. الملايين التي احتشدت خط وفاء وانتماء همست ببعض السر، لكن ما غاب ظل هو الاعظم... ربما كان الغياب اول الحضور(٣).
وعلى هذا ليس بمقدورنا ان نتوغل بعمق في افاق التجربة وبطلها. وفي حالة الامام