ما خيرٌ بخيرٍ بعده النار، وما شرٌّ بِشَرٍّ بعده الجنة. ( نهج البلاغة ٤: ٩٢)      ظلم الضعيف أفحش الظلم. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      إتق الله بعض التقى وإن قل، واجعل بينك وبين الله ستراً وإن رق. ( نهج البلاغة ٤: ٥٤)        إياك أن توجف بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)        ربّ يسير أنمى من كثيرٍ. ( نهج البلاغة ٣: ٥٣)      
البحوث > المتفرقة > التفكير بين النقد والإبداع الصفحة

التفكير بين النقد والابداع
الفوارق والمحددات
علي الشريعتمداري*
يميّز بعض علماء النفس والتربية بين التفكير العادي و التفكير النقدي والإبداعي. فيرى هؤلاء أنّ هذه العمليات الثلاث تشكّل أنواعاً ثلاثة للتفكير، إلاّ أنّ هذه المقالة ترى أنّ الأنواع الثلاثة من التفكير ليست إلاّ عملية واحدة. وبعبارة أُخرى، انّ عملية التفكير تشتمل بحدّ ذاتها على النقد والإبداع. والتشابه الجوهري بين تعاريف كل من هذه العمليات الثلاث يكشف بوضوح عن تماثلها، كما أنّ الخصائص التي طُرحت للتفكير النقدي والإبداعي يلاحظها المفكرون في عملية التفكير أيضاً.
يعد التفكير أهم خصائص الانسان، وما تفعله الحيوانات هو استجابات شرطية، وبكلمة أخرى انّ تداعي المعاني، والفعل المنعكس تجاه أمر معيّن، وانتقال الفعل المنعكس من المنبه الطبيعي إلى المنبه الشرطي (الشرط الكلاسيكي)، وتثبيت الفعل المنعكس عن طريق المكافأة (الشرط المسبب) تكوّن لدى الحيوانات ارتكاسات (ردود فعل) معينة، إلاّ أن هذه الارتكاسات لا تطابق الانعكاس الفكري لدى الانسان.
وللتفكير مكانته المتميزة في عمليتي التعليم والتربية، وكبار المعنيين بالتربية كانوا في الماضي ولا يزالون يعتبرون التفكير المحور الأساس للتربية والتعليم ومن أولئك (سقراط) في محاوراته التي سجلها افلاطون، إذ جعل أصول التفكير محورَ مباحثاته، وكذا «جون ديوي» تربوي القرن العشرين الكبير، فقد اعتبر التفكير في كتابه «كيف تفكر؟» الذي نشره عام ١٩١٠ الركيزةَ التي تقوم عليها التربية والتعليم.
لقد طرح بعض الكتّاب مؤخراً في مؤلفاتهم بحثاً يدور حول التفكير العادي والتفكير النقدي والإبداعي.
فرأى بعضهم أنّ هذه العمليات الثلاث متمايزة بعضها عن بعض، ورأى آخرون أنّها، وإن كانت متمايزة إلاّ أنّ بعضها يُكمل البعض الآخر، ورأت طائفة ثالثة أنّ هذه العمليات الثلاث متضادة. ومانراه نحن هو أنّ عملية التفكير تشتمل بالأساس على النقد وعلى الإبداع.

* رئيس المجمع العلمي الايراني، وعضو في المجلس الاعلى للثورة الثقافية في البلاد.
دكتواره في التربية وعلم النفس من جامع ( تنسي- امريكا)