أدب النبوة
السيد كمال الحيدري
ينبغي أوّلاً أن نعرف بأنّ الأدب ـ على ما يتحصّل من معناه ـ هو الهيئة الحسنة التي ينبغي أن يقع عليه الفعل المشروع إمّا في الدين أو عند العقلاء في مجتمعهم كآداب الدعاء وآداب ملاقاة الأصدقاء، وإن شئت قلت: ظرافة الفعل(١).
وقالوا في تعريفه: الأدب عند أهل الحقيقة أربعة أنواع: أدب الشريعة، وأدب الخدمة، وأدبّ الحقّ، أدب الحقيقة وهو جماع كلّ خير(٢). ثمّ إنّ الأدب لا يتصوّر إلاّ في الأمور المشروعة غير الممنوعة، فلا أدب في الظلم والخيانة والكذب، ولا أدب في الأعمال الشنيعة والقبيحة. وقد أطبق العقلاء على أصل معنى الأدب وهو الهيئة الحسنة التي ينبغي أن يكون عليها الفعل الاختياري وإن اختلفوا في تحديد مصاديقه أشدّ الاختلاف(٣).
من هنا سوف يكون الأدب في كلّ مجتمع هو المرآة التي تحاكي خصوصيات أخلاق ذلك المجتمع. وممّا تجدر الإشارة إليه هنا أنّ الآداب ليست هي الأخلاق، ضرورة أنّ الأخلاق هي الملكات الروحية الراسخة التي تتلبّس بها النفوس، أمّا الآداب فهي هيئات حسنة مختلفة تتلبّس بها الأعمال الصادرة عن تلك النفوس، وبين الأمرين بون بعيد(٤).
استناداً إلى ما يعطيه الكلام المتقدّم من معنى الأدب فإنّ الأدب الإلهي الذي أدّب الله سبحانه به أنبياءه ورسله عليهم السلام هو الهيئة الحسنة من الأعمال الدينية التي تحاكي غرض الدين وغايته، وهو العبودية على اختلاف الأديان الحقّة بحسب كثرة موادّها وقلّتها وبحسب مراتبها في الكمال والرقيّ.