العلم خير من المال، والعلم يحرسك وأنت تحرس المال. ( نهج البلاغة ٤: ٣٦)        المرء أحفظ لسرِّه. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      القناعة مال لا ينفد. ( نهج البلاغة ٤: ١٤)       ليس كل طالب بمرزوق ولا كل مجمل بمحروم. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )      
البحوث > المتفرقة > ادب النبوة الصفحة

أدب النبوة
السيد كمال الحيدري
ينبغي أوّلاً أن نعرف بأنّ الأدب ـ على ما يتحصّل من معناه ـ هو الهيئة الحسنة التي ينبغي أن يقع عليه الفعل المشروع إمّا في الدين أو عند العقلاء في مجتمعهم كآداب الدعاء وآداب ملاقاة الأصدقاء، وإن شئت قلت: ظرافة الفعل(١).
وقالوا في تعريفه: الأدب عند أهل الحقيقة أربعة أنواع: أدب الشريعة، وأدب الخدمة، وأدبّ الحقّ، أدب الحقيقة وهو جماع كلّ خير(٢). ثمّ إنّ الأدب لا يتصوّر إلاّ في الأمور المشروعة غير الممنوعة، فلا أدب في الظلم والخيانة والكذب، ولا أدب في الأعمال الشنيعة والقبيحة. وقد أطبق العقلاء على أصل معنى الأدب وهو الهيئة الحسنة التي ينبغي أن يكون عليها الفعل الاختياري وإن اختلفوا في تحديد مصاديقه أشدّ الاختلاف(٣).
من هنا سوف يكون الأدب في كلّ مجتمع هو المرآة التي تحاكي خصوصيات أخلاق ذلك المجتمع. وممّا تجدر الإشارة إليه هنا أنّ الآداب ليست هي الأخلاق، ضرورة أنّ الأخلاق هي الملكات الروحية الراسخة التي تتلبّس بها النفوس، أمّا الآداب فهي هيئات حسنة مختلفة تتلبّس بها الأعمال الصادرة عن تلك النفوس، وبين الأمرين بون بعيد(٤).
استناداً إلى ما يعطيه الكلام المتقدّم من معنى الأدب فإنّ الأدب الإلهي الذي أدّب الله سبحانه به أنبياءه ورسله عليهم السلام هو الهيئة الحسنة من الأعمال الدينية التي تحاكي غرض الدين وغايته، وهو العبودية على اختلاف الأديان الحقّة بحسب كثرة موادّها وقلّتها وبحسب مراتبها في الكمال والرقيّ.

(١) ينظر: الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج٦، ص٢٥٥; وكذلك : لسان العرب، مصدر سابق، ج١، ص٢٠٦، مادّة «أدب».
(٢) المناوي، محمّد عبد الرؤوف (ت١٠٣١هـ)، التوقيف على مهمّات التعاريف، تحقيق د. محمّد رضوان الداية، بيروت، دار الفكر المعاصر، ١٤١٠هـ، ج١، ص٤٥.
(٣) الميزان في تفسير القرآن، مصدر سابق، ج٦، ص٢٥٦.
(٤) المصدر نفسه ص٢٥٧.