لن تقدّس أمة لا يؤخذ للضعيف فيها حقه من القوي غير متتعتع. ( الرسول صلى الله عليه وآله وسلم). ( نهج البلاغة ٣: ١٠٢)       ليس كل طالب بمرزوق ولا كل مجمل بمحروم. ( نهج البلاغة ٣: ٥١)      كل وعاء يضيق بما جعل فيه إلا وعاء العلم فإنّه يتسع. ( نهج البلاغة ٤: ٤٧)      الراضي بفعل قوم كالداخل فيه معهم. ( نهج البلاغة ٤: ٤٠)        ما أقبح الخضوع عند الحاجة والجفاء عند الغنى. ( نهج البلاغة ٣: ٥٥)      
البحوث > المتفرقة > الباكستان شخصية جديدة في المحيط الصفحة

الباكستان شخصية جديدة في المحيط السياسي الدولي
للأستاذ أحمد محمد عيسى
في مطلع القرن الثامن الميلادي ومغرب القرن الأول الهجري، تقدمت جيوش المسلمين نحو الهند ففتحتها وأقامت بها دولة الإسلامية قوية. وقد شاهدت الهند زمن الحكم الإسلامي أزهى لحظاتها التاريخية. وامتد حكم المسلمين إلى أرجاء بعيدة، واستطاع حكام المغول أن يجعلوا من الهند امبراطورية شرقية ذات سطوة وسيطرة.
خلال تلك العصور امتد الإسلام إلى كل بقاع الهند، وترك الفاتحون الجدد والدين الجديد أثرهما في تقاليد الناس وعاداتهم ولغاتهم، كما تركا أثرهما في أساليب الحكم وأنظمته، وعاشت الهند في ظل الحكم الإسلامي أحسن حالا وأرغد عيشاً من ذي قبل. ولكن تلك الدولة القوية لم تلبث أن شاخت ونخرت عظامها سوسة التدخل الاوروبي، فلم يحل القرن الثامن عشر إلاّ وقد سيطرت على تلك الجهات شركة الهند التجارية الإنجليزية فأذاقت الهنود ألواناً من البؤس والبلوى وكثرت المجاعات وعمت الفوضى وانتشرت الرشوة، ورأت الحكومة الانجليزية أن ذلك كله خطر على مركزها في الهند، وأنه لابد أن تنحى الشركة الانجليزية عن إدارة الهند فقررت سنة ١٨٥٧ تبعية الهند للتاج البريطاني.
على أن ذلك القرار الذي اتخذه البرلمان البريطاني لم يكن في صالح الهند بقدر ما كان في صالح بريطانيا المستعمرة، التي أخذت ترسم سياستها لتحجب عن الهند أي منافس لها فيها، ولتجعل منها مزرعة تدر عليا النعمة، وسوقاً تجني منها الربح وفي ظل الحكم البريطاني زادت أسباب الخلاف بين المسلمين وغير المسلمين، واستغلت بريطانيا ذلك لأنه وسيلتها في تثبيت سلطانها، وقاسى المسلمون قسطاً وافراً من الاضطهاد لأنهم قاوموا سيادة الانجليز عليهم، ولأنهم كانوا يعتبرون أنفسهم دون غيرهم، أصحاب الحق الشرعي في البلاد. وفي ظل الاستعمار الانجليزي ايضاً انتشرت المسيحية وزاد الاهتمام بالديانة الهندوكية، ونشطت حركة التبشير بين المسلمين وقد لفت هذا كله نظر زعماء مسلمي الهند فحاولوا القضاء عليه بالتفاهم والتعاون ولكنهم فشلوا في ذلك، فاتجه تفكيرهم إلى ضرورة تكوين دولة اسلامية مستقلة.
ومن المؤسف أن محنة الاستعمار لم تقنع جميع الهنود بالتفاهم والاتحاد، ولم يكن الزمن الطويل بكاف للقضاء على ما بين المسلمين والهندوكيين من خلاف ولا على ما بين الهندوكيين والسيخ من فروق، ولم تكن انجلترا نفسها راغبة في أن تخف حدة الخلافات الطائفية والمذهبية محافظة على مصالحها الخاصة في الهند، وظن المسلمون أنهم هالكون