من أشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ومن أشفق من النار أجتنب المحرمات. ( نهج البلاغة ٤: ٧ـ ٨ )      الكلام في وثاقك ما لم تتكلم به، فإذا تكلمت به صرت في وثاقه. ( نهج البلاغة ٤: ٩١)      كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً. ( نهج البلاغة ٤: ١٠)      ما خيرٌ بخيرٍ بعده النار، وما شرٌّ بِشَرٍّ بعده الجنة. ( نهج البلاغة ٤: ٩٢)      من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )      
البحوث > المتفرقة > الدين والدولة في مشروع الزكاة الصفحة

الدين والدولة في مشروع الزكاة
الشيخ محمد محمد المدني
تتجه النية في هذه الايام إلى إصدار قانون يجعل جباية الزكاة إلى الدولة، وينظم نصابها وقيمتها، وأنواع الأموال التي تكون فيها التي تعفى منها، ومصارفها التي تنفق فيها، على أن يستمد هذا القانون من أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، دون تقيد بمذهب معين من مذاهب المسلمين.
ولا شك أن الدافع إلى ذلك دافع شريف يجب أن يحمد ويشكر، بيد أن بعض الكتاب أثار اعتراضاً على فكرة إصدار هذا القانون، لا من حيث موضوعه فحسب، ولكن من حيث المبدأ الذي يقوم عليه أيضاً، وهو مبدأ الاعتراف بالصلة بين الدين والدولة، مع أن الواجب ـ في نظره ـ هو قصر الدين على ميادين العبادة والأخلاق والعواطف الشريفة.
ولما كان هذا الموضوع ذا أهمية وخطر لدى المشتغلين بالفقه والقانون في شتى البلاد الإسلامية، وكان للزكاة نفسها شأن في الدين والمجتمع بعيد الاثر، فإني أرى من الحق عليّ أن أدلي فيهما برأيي، لعل فيه خيراً للإسلام والمسلمين.
ينقسم البحث في هذا الموضوع قسمين:
ـ المبادئ التي ذكرها الكاتب وبنى عليها معارضته لهذا المشروع.
ـ رأيي في جواز إصدار تشريع يُلزم مالكي النصاب بأن يؤدوا زكاة أموالهم للدولة.
أما القسم الأول فإني أقدم بين يدي بحثه، نص ما ذكره الكاتب، ليشترك القراء معي في فهمه، وإدراك ما ينطوي عليه:
يقول الكاتب بعد أن ساق ملاحظة شكلية لا تتصل بالموضوع:
(…… أما الملاحظة الثانية فهي اخطر من أختها، لأنها لا تتعلق بالشكل والاختصاص، بل بصميم الموضوع، وأساس التشريع، فالمشروع كما يظهر من اسمه، ومن التفصيلات المحيطة باستصداره، يستمد حكمته وأحكامه من الدين الإسلامي الحنيف، وهنا يواجهنا بحث جد دقيق وخطير، وهو علاقة الدولة بالدين، وعلاقة الدين بالسياسة، ولا يخفى أننا في مصر نجري في حكمة واعتدال على فصل الدين عن أمور الحكم وخلافات السياسة، وأن الحركة الوطنية أورثتنا مبدأ جليلاً ينبغي لنا أن نعض عليه بالنواجذ، وهو يقضي بأن الدين لله، والوطن لجميع المواطنين، ولقد حاول البعض أخيرا خلط الدين بالسياسة، ودعا إلى جعل القرآن