إياك والعجلة بالأمور قبل أوانها أو التسقط فيها عند إمكانها. ( نهج البلاغة ٣: ١٠٩)     من حاسب نفسه ربح، ومن غفل عنها خسر. ( نهج البلاغة ٤: ٤٧)        اجعل نفسك ميزاناً فيما بينك وبين غيرك. ( نهج البلاغة ٣: ٤٥)      ثمرة التفريط الندامة. ( نهج البلاغة ٤: ٤٣)      إذا أضرت النوافل بالفرائض فارفضوها. ( نهج البلاغة ٤: ٦٨)      
البحوث > المتفرقة > ابو طالب عليه السلام الحامي والكفيل الصفحة

أبو طالب (عليه السلام) .. الحامي والكفيل
د.محمّد كامل سليمان
 لما ظهرت أمارة وفاة عبد المطلب جدّ الرسول (صلى الله عليه وآله)، عهد إلى أبي طالب بكفالة النبي (صلى الله عليه وآله)، وأوصاه به قائلاً له: (إني قد عرفت ديانتك وأمانتك فكن لمحمّد كما كنتُ له)(١).
وهكذا كان أبو طالب فأحبّه وآثره بالنفقة والكسوة على نفسه وعلى جميع أهله، حتى غدت كل نبضة يختلج بها شريانه نفحةً هنيّةً تترنّم باسم محمّد، إذا حضر أو غاب، وإذا نام أو استيقظ، وصار محمّد أقرب إلى نفس أبي طالب من نفسه، حتى راح يرى أن مهمّته في هذا الوجود - مع ما كان له من مهام الرياسة والسيادة - أن يقوم على تربية ابن أخيه ويحميه شرّ الغوائل.
وحتى زوجه فاطمة بنت أسد (رحمها الله)، أمّ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) كانت تسابق زوجها وتنافسه في الاحتفاء بمحمّد والحرص على إكرامه وإعزازه، حتى كانت تؤخّر الطعام حتى يحضر [ابنها محمّد] كما كان يحلو لها أن تدعوه، وتدهن رأسه بالطيب قبل أولادها أو تدّخره له وحده إذا لم يكن من الطيب إلا ما يكفيه.
والواقع أننا لا نستطيع بهذه العجالة تصوير حبّ أبي طالب وحدبِه الشديد على النبيّ(٢))، لذلك سنحاول هنا أن نشير إلى بعضٍ من تلك المواقف التّي يتجلّى فيها إيمان أبي طالب وحرصه على ابن أخيه حتى يصدع بأمر ربّه وينشر شريعة السّماء السّهلة السمحاء.
رعايته في طفولته:
لقد كان أبو طالب، إيمانًا منه برسالة محمّد التّي سيصدع بها يوم يبلغ الكتاب أجله، لا يفارق ابن أخيه, فأخذه معه إلى الشام وهو ابن عشر سنين ليبقى قرير العين قرب عمّه لا يجد الغمّ إلى نفسه سبيلاً.

*باحث وأديب .
(١) الخرائج  والجرائح، الراوندي، مؤسسة الإمام المهدي، قم: ١/١٣٨؛ وعنه بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، ط٢: ١٧/٣٦٣ حديث ١ ، و٣٥/٨٣ ، حديث ٢٦ ؛ الاحتجاج ، الطبرسي، دار النعمان، النجف، ١٩٦٦: ١/٣٤٢.
(٢) لمزيد من التفاصيل يراجع: بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، ط٢: ج٣٥ ،