التوازن الفردي والاجتماعي
الشيخ أكرم جزيني*
قال إمامنا زين العابدين (عليه السلام) في دعاء مكارم الأخلاق:
اللهم صلِّ على محمد وآله... وأعزّني ولا تبتلني بالكبر، وعبِّدني لك ولا تفسد عبادتي بالعجب، وأجرِ للناس على يديَّ الخير ولا تمحقه بالمنّ، وهبْ لي معالي الأخلاق واعصمني من الفخر.
اللهم صلِّ على محمد وآله، ولا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تُحدِث لي عزًا ظاهرًا إلا أحدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها(١)...
التوازن بين الظاهر والباطن:
هذه الفقرات من الدعاء تسلِّط الضوء على مسألة هامة جدًا تتعلَّق بمسيرة الإنسان في هذه الحياة، وهي مسألة التوازن بين الصفات الباطنية والسلوكيات الظاهرية، حيث إن التوازن يضمن للإنسان السير بشكل مستقيم، ويؤمِّن له الوصول إلى الغايات النبيلة التي ينشدها، في حين أن فقدان التوازن يؤدي إلى الاختلال والضياع والانحراف عن السبيل والسقوط في المتاهات!!
والمستفاد من كلمات الإمام (عليه السلام) أن العزَّة في الباطن يفسدها الكبر في الظاهر، والعبادة في الباطن يفسدها العجب في الظاهر، والعطاء في الباطن يفسده المنُّ في الظاهر، ومثلها سائر أعمال الخير والبِر التي تحتاج إلى التوازن كي تؤثِّر أثرها في كمالات النفس والروح، فعندما يزداد حجم العزة -مثلاً- في كفة ميزان النفس يُثقل تلك الكفة، فترتفع بالمقابل الكفة الأخرى وهي تحمل قدرًا من الكبر..
ومن هنا نجد الإمام (عليه السلام) يطلب من الله تعالى أن يحُول دون ارتفاع الكفة الثانية