إتق الله بعض التقى وإن قل، واجعل بينك وبين الله ستراً وإن رق. ( نهج البلاغة ٤: ٥٤)      ترك الذنب أهون من طلب التوبة. ( نهج البلاغة ٤: ٤٢)      كثرة الإطراء تحدث الزهو وتدني من العزة. ( نهج البلاغة ٣: ٨٨ )     آلة الرياسة سعة الصدر. ( نهج البلاغة ٤: ٤٢)      من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه. ( نهج البلاغة ٤: ٣)      
البحوث > المتفرقة > الحوزات العلمية سلوكاً ومنهجاً وغاية الصفحة

الحوزات العلمية سلوكًا ومنهجًا وغاية
الشيخ حسن عبد الساتر*
(يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ)(١)
الحمد لله، وسلامه على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطاهرين، وبعد:
فقد كان بودي أن أكتب شيئًا عن الحوزات وتاريخ منشئها وتطورها، وأن التعليم الحوزوي بدأ أول ما بدأ في المسجد، فكان هو المدرسة الأولى، وكان الأستاذ الأول رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وكان القرآن الكريم كتاب التدريس الأول.
وبعد انتقال الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله)إلى الرفيق الأعلى، تناوب على إدارة هذه المدرسة والتدريس فيها علي وأبناؤه الأئمة المعصومون(عليهم السلام)، وعبر العصور، رسخ التعليم الحوزوي في كثير من عواصم البلاد الإسلامية وأطرافها، وتنوّع وتطوّر سيّما في عهد الصادقين(عليهما السلام)، رُغم كل الظروف والأحداث والمؤامرات التي استهدفت ثقافة الأمّة الإسلامية ووجودها على أيدي اليهود وأعداء الأمّة التاريخيين، وبعض المرتدّين والمنافقين من بني أميّة وبني العباس وأشباههم.
ولئن اضطرت الحوزات العلمية هذه -في مثل بُخارى، وتركيا، والقدس، وبعلبك، والشام، وبغداد، والكوفة، والبصرة، ومن ثمَّ الأزهر، والزيتونة، والقرويين، وغيرها- إلى التسليم أمام الغزو الأجنبي الوافد، ومدّه الثقافي، فإن حوزاتنا العلمية، خاصّة حوزات قمّ، وخراسان، والحلّة، والنجف، والكرك، وميس، وجزين، وأمثالها مما كان منتشرًا هنا وهناك، وقفت أمام هذا المدّ الثقافي، وقاومته بكلّ أشكال المقاومة، حتى تكاد لا تخلو واحدة منها من شهيد، وما الشهيد الأول والشهيد الثاني والشهيد الصدر إلا أمثلة في العصور المتأخرة يُقاس عليها العصور المتقدّمة، حتى كانت الوقفة المشرّفة لحوزة قمّ المشرفة، حيث وقفت بوجه هذا الغزو، وقاومته، حتى انتصرت، وأقامت دولة الإسلام، وبذلك أعطت لطلب العلم والحوزات العلمية في العالم روحًا جديدة، ودفقًا من الحيوية والحياة.

* رئيس المحاكم الشرعية الجعفرية- بالتصرف.
(١) المجادلة من الآية ١١.