إتق الله بعض التقى وإن قل، واجعل بينك وبين الله ستراً وإن رق. ( نهج البلاغة ٤: ٥٤)      شتان ما بين عملين: عمل تذهب لذته وتبقى تبعته، وعمل تذهب مؤونته ويبقى أجره. ( نهج البلاغة ٤: ٢٨)      كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً. ( نهج البلاغة ٤: ١٠)        ليس جزاء من سرك أن تسوءه. ( نهج البلاغة ٣: ٥٤)      بكثرة الصمت تكون الهيبة. ( نهج البلاغة ٤: ٥٠)      
البحوث > المتفرقة > القلب السليم الصفحة

القلب السليم
الشيخ أكرم جزيني
قال تعالى: {يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}(١).

قيمة الإنسان
الإنسان ليس مجرد جسد يتحرك ويأكل ويشرب ويمشي في الأسواق، بل حقيقة الإنسان هي تلك الروح أو تلك النفس التي اتخذت من الجسد قميصًا لها، تلبسه في دار الدنيا وتخلعه عند الموت، لتلتحق ببارئها الذي أبدعها.
وهذه الروح أو النفس والتي تشكل حقيقة الإنسان هي عبارة عن مجموعة من القوى والخصائص والملكات التي قد تسمو بها إلى المراتب العالية، فتجعلها أشرف من الملائكة أو تنحدر بها إلى مهاوي ودركات سحيقة، فتجعلها أخس من البهائم والأنعام.
فللإنسان قيمتان، الأولى: هي القيمة الظاهرية، ويدخل في تكوينها مظهره ومأكله ونسبه ومقامه الاجتماعي والشهادة التي يحملها، وكل ما يكون ظاهرًا أمام الناس... ويمكن أن نعبّر عنها بالقيمة التي تجري على ألسنة الناس من مدح أو ذم.
والثانية: هي القيمة الواقعية، وهي عبارة عن الخصائص والمزايا الواقعية التي تمتاز بها نفسه، من ملكات فاضلة أو رديئة، وأخلاق حسنة أو سيئة، وقرب من الله أو بعد عنه تبارك وتعالى، وقد تتطابق القيمتان، وذلك حين يكون الظاهر معبِّرًا ومنبئًا عن الواقع، وقد تتخالفان فيكون أحدهما على خلاف الآخر.
فمن خلال ما يجري على ألسنة الناس من مدح أو ذم تتشكل القيمة الظاهرية للشخص في أوساط مجتمعه وبيئته، بغض النظر عن مدى انسجام تلك القيمة الظاهرية مع القيمة الحقيقية والواقعية للإنسان، والتي يكون المحور فيها هو النية التي تقبع خلف كل تلك المظاهر والسلوكيات التي يحصيها الخالق جل وعلا كلمة بكلمة، وحرفًا بحرف، وحركة بحركة، ليجازي عليها يوم الجزاء {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}(١)، {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}(٣).

(١) سورة الشعراء آية ٨٨-٨٩.
(٢) قّ:١٨.
(٣) الزلزلة:٧-٨.