قبسات من نور الإمام الهادي (ع)
الشيخ نعيم نعمة
مقدمة
بعد وفاة الرسول الأكرم محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) انقلب الناس على أهل بيته (عليهم السلام)، وغصبوهم المقام الذي جعله الله لهم، وأقصوهم عن حقهم، وعلّلوا ذلك في حينه بأنهم إنما فعلوا ما فعلوا كراهة أن تجتمع النبوة والخلافة في بيت واحد من العرب(١).
ثم انبرى بعد ذلك من جاء من أتباعهم وحاول أن يبرّر لهم فعلتهم تلك، وأن يصطنع الأدلة والبراهين والحجج على شرعية ما قام به القوم في تلك المرحلة، متذرعين بالنص تارة وبالشورى أخرى، بالرغم مما ورد عن عمر بن الخطاب في معرض تقييمه لبيعة أبي بكر بقوله: إن بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرَّها فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه(٢).
وتعاقب الغاصبون الأدوار وتلاقفوا الخلافة بينهم وتصارعوا عليها، فانتقلت من بني تيم وعدي إلى بني أمية بدءًا ببيت أبي سفيان، ثم بيت مروان بن الحكم إلى أن غلبهم عليها بنو العباس بن عبد المطلب.
ولئن اختلفت أنساب هؤلاء وأسماؤهم إلا أن أفعالهم كلها كانت تنبع من المعين ذاته، وتنحو نحو هدف واحد، وتصبّ في جهة واحدة، هو محاصرة أهل البيت (عليهم السلام) والتضييق عليهم، وصولاً إلى إلغاء دورهم في المجتمع وطمس آثارهم، بل وحتى اغتيالهم.
وسيرة الإمام علي بن محمد الهادي (عليه السلام) تعتبر نموذجًا لما كان يرتكبه أعداء أهل البيت في حقهم، وتعبّر عن تلك المرحلة التاريخية الصعبة التي عاشها.
من هو الإمام الهادي (ع)؟
الهادي هو لقب الإمام العاشر علي بن الإمام محمد الجواد(عليهما السلام)، وكان يطلق عليه أيضًا وعلى ابنه الإمام الحادي عشر الحسن بن علي (عليه السلام) لقب العسكري،