أشد الذنوب ما استهان به صاحبه. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )      من نظر في عيوب الناس فأنكرها ثم رضيها لنفسه فذاك الأحمق بعينه. ( نهج البلاغة ٤: ٨١ )     عاتب أخاك بالإحسان إليه، واردد شره بالإنعام عليه. ( نهج البلاغة ٤: ٤١)        الرزق رزقان: رزق تطلبه ورزق يطلبك، فإن أنت لم تأتِه أتاك. ( نهج البلاغة ٣: ٥٥)      العلم خير من المال، والعلم يحرسك وأنت تحرس المال. ( نهج البلاغة ٤: ٣٦)      
البحوث > المتفرقة > الحرية الحقيقية الصفحة

الحرية الحقيقية
الشيخ اكرم جزيني
باختصار
الحرية الحقيقية تكمن في العبودية الحقيقية لله تعالى، تلك العبودية القائمة على الحب والرضا وعرفان الجميل، لا على القهر والإجبار والتسلط..
عبودية الله التي تحرر الإنسان من تلك الأصنام المنتشرة في طول الأرض وعرضها..
والتي تحرر الإنسان من سلطان المال والجشع والغطرسة..
وتحرره من سلطان الأهواء والشهوات والمطامع..
فكم من مملوك ينحني أمام ألف إله وإله من آلهة الأرض الخسيسة المزيفة، وهو يظن نفسه حرًا لأنه يرفض الانحناء أمام شريعة السماء ؟!
إن الحرية الحقيقية لا يمكن الحصول عليها إلا عند رفض كل تلك الآلهة المزيفة التي لا يمكن التخلص منها إلا بالعزيمة المستمدة من عبودية الله تعالى.
المدخل
من كلام لإمامنا أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول فيه: إن قومًا عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قومًا عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قومًا عبدوا الله شكرًا فتلك عبادة الأحرار(١).
ثلاثة أصناف من عباد الله تشابهت مظاهر عباداتهم، واختلفت دوافعهم:
أما الصنف الأول: فقد نصب أمام عينيه صورة النعيم الذي أعده الله لعباده يوم القيامة، وعبد الله رغبة في الحصول عليه، فهو يقدِّم شيئًا ليقبض شيئًا آخر، وهذا المنطق هو منطق المعاوضة، ومنطق المعاوضة منطق تجاري، وعليه فعبادة هذا الصنف روحها التجارة، ولكنها تجارة مع الله تعالى.
وأما الصنف الثاني: فقد نصب أمام عينيه صورة الجحيم الذي أعده الله للعصاة من عباده، فعبد الله خوفًا من الدخول فيه، فهو يقدِّم شيئًا ليفتدي به من شيء آخر، همُّه الخلاص، وسمته الضعف والخوف، وروح عبادته ممزوجة بالخوف من العقاب.
وأما الصنف الثالث: فهو الذي كلما وقع نظره على شيء أو خطر على فكره شيء انطلق بفكره إلى عظيم قدرة الله وجزيل نِعَمِه، فلا يرى شيئًا إلا ويرى الله معه وقبله وبعده وفيه، قد شغله حبُّ الله عن حبِّ الجنة، وشغله رضى الله عن الخوف من النار، وصار كما قال

(١) نهج البلاغة باب المختار رقم ٢٣٩.