المراة المسلمة والمشاركة السياسية
د. طلال عتريسي
أشارت الكثير من تقارير المؤسسات ومراكز الدراسات الإقليمية والدولية التي ازدادت وتيرةَ صدورها في السنوات القليلة الماضية، إلى واقع المرأة السيئ في البلدان الإسلامية. وقد استندت تلك التقارير إلى الأمية المتفشية في أوساط النساء تارة، وطورًا إلى القوانين التي لا تُنصف المرأة ولا تساويها بالرجل في المجالات كافة. وربطت بعض الندوات والمؤتمرات التي عُقدت حول هذه القضية بين التنمية الشاملة وبين مشاركة المرأة السياسية وغير السياسية.
فيَعْتبر على سبيل المثال أحد تقارير التنمية الإنسانية العربية الذي صدر عام ٢٠٠٢ : "أن التنمية التي لا تشارك فيها المرأة هي تنمية معرضة للخطر" .
وإذا كانت هذه الفرضية صحيحة من حيث المبدأ، فإن ما يحتاج إلى نقاش في هذا المجال الذي اخترنا البحث فيه هو البعد السياسي لمشاركة المرأة بما هو جزء أساسي من العملية التنموية الشاملة.
فالدراسات والتقارير ذات الصلة بهذه القضية تستند غالبًا إلى الإحصاءات التي تتحدث عن نقص أعداد النساء في المجالس والهيئات السياسية المنتخبة، وفي الوزارات والبرلمانات وسواها من مؤسسات تشريعية أو تنفيذية أو نقابية، للدلالة على غياب مشاركة المرأة السياسية أو على نقص تلك المشاركة. وغالبًا ما تعود تلك الدراسات إلى المقارنة بين واقع المرأة في البلدان الإسلامية، خاصة على مستوى المشاركة السياسية، وبين واقعها في بلدان أخرى آسيوية أو إفريقية أو أوروبية .. لتسجل بذلك الضعف أو التراجع في مشاركة المرأة في البلدان الإسلامية في الحياة السياسية.
وإذا كانت بعض القوانين لا تزال مجحفة بحق المرأة في أكثر من بلد من البلدان العربية أو الإسلامية لجهة السماح لها بالمشاركة في الاقتراع أو بالترشّح إلى المناصب السياسية المختلفة، وهذا ينسجم مع النقد الذي يوجه إلى واقع المرأة المسلمة، إلا أن بلدانًا أخرى بالمقابل أعطت منذ عقود طويلة المرأة حق المشاركة السياسية بمستوياتها المختلفة.
وقد سمح هذا الحق للمرأة بإيصال بعض النساء إلى مواقع القرار ولكن من دون أن يؤدي ذلك إلى تغيير فعلي أو جذري في سياسات الدول أو الحكومات في البلدان التي سمحت للمرأة بتلك المشاركة. وهذا يعني أن هناك فروقات واضحة بين دولة وأخرى، في قوانينها وسياساتها تجاه المرأة.