قارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      كن في الفتنة كابن اللبون لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب. ( نهج البلاغة ٤: ٣)        لا تخاطر بشيء رجاء أكثر منه، وإياك أن تجمح بك مطيّة اللجاج. ( نهج البلاغة ٣: ٥٣)      أهل الدنيا كركب يسار بهم وهم نيام. ( نهج البلاغة ٤: ١٥)      من أمن الزمان خانه، ومن أعظمه أهانه. ( نهج البلاغة ٣: ٥٦)      
البحوث > المتفرقة > الحياة الآخرة في نصوص اهل الكتاب الصفحة

الحياة الآخرة في نصوص أهل الكتاب
الشيخ حاتم إسماعيل
بداية
لا شك أن ظاهرة الموت قد أقلقت الإنسان منذ بداياته الأولى على هذه الأرض، ومنشأ هذا القلق والخوف، إضافة إلى دلالته على حب الحياة والحرص عليها، أنه يكشف عن الخوف من المصير، والقلق عما يؤول إليه أمره.
لقد افترض كثير من الباحثين، خصوصًا الماديون منهم، في قضية الموت وما بعده، أن هذا القلق هو الذي دفع أتباع الأديان، سماوية وغير سماوية، إلى الاعتقاد بعالَم آخر، يلي هذا العالم وهذه الحياة، وهذا يفترض أنه لولا مسألة الموت التي واجهت الإنسان ولم يستطع أن يجد لها تفسيرًا مرضيًا ومقبولاً، لم يكن للدين أيّ محل في حياة الإنسان بزعمهم.
وتعلّل الكثير من هؤلاء بأن حياة ما بعد الموت من الأمور التي لا يمكن إثباتها بالطرق العلمية والتي لا تقع تحت التجربة والحواس، ولهذا فهي مجرد أمر افتراضي لا يَرقى إلى مستوى الحقيقة والواقعية.

هل الموت عدم أم حياة
لكنّ الشيء الأكيد في هذه المسألة، أن أصل الخوف والخلاف هو السؤال التالي: هل الموت فناء وعدم، وبالتالي فَحُبُّ البقاء، والحرص على الحياة، هو الذي يؤدي إلى القلق والخوف من الموت، ويؤدي إلى البحث عن البقاء بكل الوسائل الممكنة. أم أن الموت تجديد حياة، وانتقال إلى مستوى أرقى وأسمى من الحياة التي نعيش؟
وفي هذا الفرض الثاني، ربما يقال أنه لا يبقى للقلق والخوف محل وموقع في نفس الإنسان، إذ ما دام الإنسان مفطورًا على حبّ الكمال والسعي نحوه، فمن الطبيعي أن يحلّ الاطمئنان والاستقرار النفسي بالموت، وانتظار الحياة الآخرة بشغف وشوق، ما دامت تُلبّي هذا الطموح، وتُحقّق هذه الرغبة فيه.