الاسلام دعوة عالمية
الحلقة الثالثة
الشيخ علاء السالم
الفطرة هبة الخالق:
هي إلى المحتوى الداخلي للإنسان أقرب منها إلى ظاهره وقد وردت باشتقاقاتها في القرآن الذي يعدّ بحسب ما بأيدينا من وثائق أول من استعملها في خصوص الإنسان، قال تعالى:(فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم). ومعنى (فطر) كما يقول ابن الأثير الخلق والأبدع، ففي ذيل تعليقه على الحديث الشريف:
(كل مولود يولد على الفطرة) يقول:(الفطر: الابتداع والمعنى أنه يولد على نوع من الجبلة والطبع المتهيئ لقبول الدين). وفي لغتنا العربية تدل صيغة (فعلة) على المصدر الدال على هيئة الفعل ونوعه، وعلى هذا فالفطرة تعني: الهيئة التي خلق بها الإنسان وصمّم عليها، وهذا المعنى يسلمنا إلى نمّيز الأمور الفطرية بما يلي:
١ـ اشتراكها في جميع بني البشر وإن اختلفت بينهم شدة وضعفاً.
٢ـ ثباتها وعدم تبدلها، (لا تبديل لخلق الله) دائماً وأبداً.
٣ـ عدم احتياجها إلى التربية والتعليم ما دامت هي صميم الخلقة، إلّا أنها تحتاج إليهما في تقويمها وهدايتها.
إن الوقوف على معنى الفطرة وامتيازاتها يجعلنا نستشعر عظمة الخالق في صنعه وما أودعه من جهاز هداية داخلي يؤمّن للإنسان إذا ما رعاه عدم الانحراف فيما إذا انضمّ إلى هذا التحصين الهداية الخارجية المتمثلة بالرسالات الإلهية حيث يلتقي رسل الله تعالى مع الفطرة في استوائها ويقوموا انحرافها الذي تتعرض له أثناء نموّها.
ولك عزيزي القارئ أن تتساءل: إذا كان الإنسان مفطور على إدراك وجود الله وغيره من المعارف الفطرية فما هو دور الأنبياء إذن؟ والحقيقة أن الأنبياء لم يبعثوا ليعطوا شيئاً غريباً عن وجود الإنسان بالمرة من دون أن يكون هناك وجدان يخالجه الشعور بالإيمان بما هو