التقريب معناه وموقفنا منه
السيد عادل الحكيم
بسم الله الرحمن الرحيم
يختلف معنى التقريب بحسب الشخص الذي يدعو إليه أو يحذر منه، ومن خلال متابعتي لموافقي التقريب ومخالفيه وجدت ثلاثة معانٍ مختلفة للتقريب.
المعنى الأول التنازل عن بعض المعتقدات المثيرة لحفيظة الآخرين، والجارحة لإحساسهم العقيدي، حيث يتلقاها الآخر على أنها إهانة لمقدساته، أو توهين لها.
والدعاة إلى هذا النوع من التقريب لا يقرون بالرغبة للتنازل، وإنما ينظرون لدعوتهم بطرق متعددة ويغلفونها بأشكال مختلفة، من دون التصريح بالدعوة إلى التنازل، إلا ما يقفز في فلتات اللسان.
فتراه تارة يدعو إلى الاعتدال ترك (التطرف)، وأخرى يحث على التمسك بالجوهر من العقيدة ونبذ (القشور)، ويقصد بالقشور نفس المسائل العقيدية المثيرة لحساسية الآخر.
وتصل عنده الرغبة في التقريب إلى الشعور بأن هذه العقائد (القشرية) حجر عثرة، وعقبة كؤود أمام مشروعه التقريبي الكبير. وعندها لن يخفي تململه من هذه العقائد، ويفعل المستحيل من أجل تهميشها وتضعيفها في النفوس، بل حتى تسخيفها والإزراء بها.
حتى إذا شعر بمقاومة المتدينين لمشروعه تقمص مسوح المصلحين، الذين يتحملون ألوان المعاناة والأذى في سبيل رسالتهم الإصلاحية المقدسة. وهو بذلك يلمح إلى أن من يعارض مشروعه هذا إنما هم رعاعٌ جهلة، أو علماء متعنتون ألقوا التقوى والموازين العلمية وراء ظهورهم حيث ركبوا التعصب الأعمى والتقليد المقيت.
وعلامة أصحاب هذا النوع من التقريب أنهم يدعون إلى الحوار الفكري الحر وفسح المجال للنقد والمناقشة في الهواء الطلق، حتى إذا تعرضوا للنقد والمناقشة نسوا ما كانوا يدعون إليه، فيثارون عند أدنى نقد، وينتفضون عند أبسط مناقشة.