ثقافة ومصطلحات قرآنية- ٨
المحكم والمتشابه
الشيخ حميد البغدادي
الحكمة في وجود المتشابه في القرآن الكريم
قد يطرح تساؤل هنا وهو لماذا استخدم القران المتشابه وهو الذي فسح المجال للذين في قلوبهم زيغ لتضليل البسطاء من الناس؟
وقد تصدى المفسرون والباحثون في علوم القران للجواب وذكروا عدة أجوبة:
١ـ عدم العلم بمراد الشارع في كلامه وخفاء مراده إذ يرجع إلى عدة احتمالات وهذا الرأي يدعي ان سبب التشابه هو الإجمال في النص القرآني (١) وذلك الإجمال يرجع إلى احد الأمور التالية:
أـ إلى اللفظ، قوله تعالى: {فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ} الصافات: ٩٣.
فلفظة: اليمين تحتمل استعمال يده اليمنى أو الضرب كان بقوة، أو ان الضرب كان بسبب اليمين التي حلفها إبراهيم، وفي قوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} الأنبياء: ٥٧.
أو قال تعالى:- (والسارق والسارقة فأقطعوا أيديهما) المائدة: ٣٨.
حيث ذكر بعضهم أن هذه الآية من المجمل المتشابه، وذلك من جهة لفظ(القطع) باعتبار أنه يطلق على الإبانة، ويطلق على الجرح، فيقال لمن جرح يده بالسكين، أنه قطعها، كما يقال ذلك لمن أبانها.
ومن جهة لفظ(اليد) باعتبار أن اليد تطلق على العضو المعروف كله، وعلى الكف إلى أصول الأصابع، وعلى العضو إلى الزند، وإلى المرفق، فيقال مثلاً: تناولت بيدي، وإنما تناول بالكف، بل بالأنامل فقط.
ب- إلى المعنى: مثل ما استأثر الله بعلمه من أهوال يوم القيامة، وعلامات الساعة، والجنة والنار.
ج- إلى اللفظ والمعنى: قوله تعالى: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} البقرة: ١٨٩ فهذا الخفاء في المعنى وفي اللفظ معاً إذ لا يمكن