من زهد في الدنيا استهان بالمصيبات، ومن ارتقب الموت سارع إلى الخيرات. ( نهج البلاغة ٤: ٨ )        قارن أهل الخير تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم. ( نهج البلاغة ٣: ٥٢)      إذا بخل الغني بمعروفه باع الفقير آخرته بدنياه. ( نهج البلاغة ٤: ٨٨ )     الوفاء لأهل الغدر غدر عند الله، والغدر بأهل الغدر وفاء عند الله. ( نهج البلاغة ٤: ٥٧)      في تقلب الأحوال علم جواهر الرجال. ( نهج البلاغة ٤: ٤٩)      
البحوث > المتفرقة > لماذا التفسير؟ (1) الصفحة

لماذا التفسير
الشيخ طلال الحسن
بسم الله الرحمن الرحيم
كنا قد تعرضنا إلى مناشيء شبهة القول بعدم الحاجة إلى التفسير,وقد أثرنا شُبهتين,هما:
١ ـ إن الرسول قد بيـّن القرآن طبقاً لقوله تعالى:{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }(١), ولا شبهة في كون الرسول ص قد أنجز مهمته على أكمل وجه,وبالتالي فإنّ كل تبيين بعده إما أن يكون تحصيلاً للحاصل أو هو في ضلال مُبين.
٢ ـ إن القرآن يُفسّر بعضه بعضا فيكون تفسيره من قبل الآخرين تحصيلاً للحاصل .
وكنا قد أجبنا باختصار عن المنشأ الأول للإشكالية,وقد ارتأيت دفع هذا المنشأ بشيء من التفصيل ثم التعرّض للمنشأ الآخر .
أمّا التبيين النبوي للقرآن فهو أمر مفروغ منه ومُتفق عليه بين أعلام الأُمـّة ولا يُوجد قادح أو مُشكّك في أداء النبي ص لوظيفـته الإلهية العُظمى,ولكن وقع الكلام بين أعلام الأُمـّة في وصول التراث النبوي التفسيري,فإشكالية التُراث التفسيري تكمُن في الوصول لا الصدور ,ولذا بمُراجعة تحقيقية للبحوث القرآنية ذات الصلة بهذا الشأن نجد أن جميع المصادر التفسيرية الروائية ـ التي حفظت ما وصلها من التراث النبوي ـ لا تكفُل لنا ثـُلث القران تفسيراً فضلاً عن نصفه أو كله,وهذا واضح لمن له أدنى اطلاع على التراث التفسيري فضلاً عن المحقّقين منهم .
وهذه الخسارة المعرفية نتج عنا إشكالية جديدة مفادها: إن عدم الوصول الكامل للتراث النبوي التفسيري سوف يكون مُساوياً عملاً لعدم التبيين,وهذا يتنافى مع الخطوط البيانية العُليا للإسلام,لا سيّما ما يتعلق منها بالهداية وحفظ الدين,فكما كُفـِل لنا حفظ القران من الضياع فإنه تنبغي حفظ بياناته وإلا سيلزم من ذلك نقض الغرض .
إذن فما هي الطرق النبوية التي سلكها النبي ص لحفظ بياناته التفسيرية التي تدفع التشكيك

(١) ـ النحل : ٤٤ .