لماذا التفسير- ٢
الشيخ طلال الحسن
كنا قد تعرضنا إلى مناشيء شُبهة عدم الاحتياج إلى التفسير التي أوجزناها بأمرين,أحدهما يتعلق بوظيفة النبي (ص) كونه مُبيـّناً للقرآن وقد أدّى وظيفته على أكمل وجه, فمع القول بالحاجة للتفسير يلزم نسبة التقصير لصاحب العصمة المـُطلقة (ص),٠٧/٠٥/٢٠٠٨ أو نسبة القصور إلى بياناته المعصومة , وقد أجبنا عن ذلك إجمالاً وتفصيلاً, وأمّا الآخر فإنـّه يتعلق بما يُنسب لأهل العصمة (ع) فيما معناه :إنّ القرآن يُفسّر بعضه بعضا.
والذي نحاوله في هذه الحلقة الأخيرة هو الإجابة عن ذلك ثم بيان وجه الحاجة للتفسير وفق المقتضيات المعرفية المعاصرة واحتياجات الاُمـّة لذلك .
إنّ المقولة التي اشتهرت على ألسنة العلماء ونسبها البعض منهم إلى الرسول الأكرم (ص) وهي: إنّ القرآن يُفسّر بعضه بعضا , مجرّد مقولة علمائية لا يُوجد لها أصل ولا فصل في الكتب الحديثية ومن طرق الفريقين, وغاية ما ورد في المقام هو ما أجاب به الإمام علي (ع) ابن الكوا عندما ذكر له أنـّه وجد كتاب الله ينقض بعضه بعضا,فقال (ع):( ثكلتك أُمـّك يا ابن الكوّا! كتاب الله يصدّق بعضه بعضا,ولا ينقض بعضه بعضا )(١), وعنه (ع) في رواية أُخرى:( ... وينطق بعضه ببعض, ويشهد بعضه على بعض )(٢).
وهاتان الروايتان بصدد رفع توهّم وقوع التناقض والتكذيب والاختلاف بين الآيات القرآنية وليستا بصدد بيان كون القرآن يُفسّر بعضه بعضاً, وهذا المعنى وإن لم يكن بعيدا,أعني كون القرآن يُفسّر بعضه بعضا ولكنه ليس قرآنيا ولا روائيا, ولذا فلا اعتبار به .
أمّا فيما يتعلق بمنهج تفسير القرآن بالقرآن فهو منهج صحيح وقد نُقل إلينا عن طريق آل البيت محمد وآله الطاهرين (ع) , ولكننا نتحفـّظ عليه فيما إذا اُريد به ـ أو من ورائه ـ كون القرآن يفسر بعضه بعضا, أي يُفسر نفسه بنفسه دون الحاجة إلى السنة الشريفة, فهذا أمر لا سبيل لنا إليه لِما يحمل في طياته تلك الدعوى القديمة الحديثة وأعني بها دعوى (حسبنا